موريتانيا آفاق دبلوماسية واعدة

محمد السالك ولد إبراهيم، دبلوماسي وخبير دولي/

مدير المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبلµ

توطئة

هل يمكن تَلمُّسَ خارطة طريق من أجل إعادة تأهيل السياسة الخارجية وتفعيل الدبلوماسية الموريتانية بعد ستين سنة على الإستقلال دون التفكير في جدلية الداخل والخارج[1]؟ مهما يكن من أمر، لا يمكن إلَّا أن نتذكَّر، مقولةً مرجعيَّةً للرئيس المؤسس المختار ولد دادَّاه رحمه الله، استطاع مُبكرا أن يُؤَصِلَ من خلالها لرؤية وطنية تربط بين السيَّاسة الخارجية والداخلية في موريتانيا:

« قد قررنا جميعا، ابتداء من يوم 28 نوفمبر 1960 أن نفرض وجود الدولة الموريتانية على الساحة الدولية، وأن نجعل من سكانٍ ذوى ثقافات مختلفة شعبا واحدا، وأن نمنح هذا الشعب الرغبة والإرادة في بناء مستقبل مشترك أفضل له ولأجيال المستقبل…[2]« .

قد تكون موريتانيا إحدى دول العالم القلائل التي تأثرت -بشكل لا نظير له- بتقلبات موازين العلاقات الدولية، وبوضعها الممتاز والمجحف في آن واحد، من منظور الجغرافيا-السياسية. فعلى الرغم من الماضي المشرق لهذه البلاد التي سبق لها أن كانت تاريخيا، فاعلا دوليا هاما من خلال فتوحات وملاحم إمبراطورية  « المرابطين » وإشعاعهم الأطلسي والمتوسطي والإفريقي؛ إلا أن موريتانيا قد تحولت فيما بعد إلى مجرد « مفعول به » في مضمار العلاقات الدولية، لاسيما بعد أن « وقعت » في نطاق النفوذ الفرنسي، بموجب المعاهدة العامة لمؤتمر برلين سنة 1885، الذي تقرر على إثره تقسيم القارة الإفريقية بين القوى الدولية العظمى آنذاك.

وهكذا، على مدى أكثر من قرن من تاريخ موريتانيا الحديث، أي منذ بداية الحقبة الاستعمارية في سنة 1899 إلى يومنا هذا، ظل « المعطى الخارجي » أو « المعطى الدولي » لا يتوقف عن لعب دور حاسم في رسم وتحريك بله، وفي قلب الواقع الداخلي لبلادنا رأسا على عقب. ولا شك بأن « حفريات » السياسة الداخلية الموريتانية تكشف -في الغالب- عن ترسبات لآثار سياسة خارجية ما، سواء كانت اختيارية أم اضطرارية في هذا البلد، الذي شكلت دوما سياسته الداخلية الجزء الظاهر فقط من جبل جليد سياسته الخارجية. 

لقد ظل من الصعب فهم وتفسير ذلك النفوذ الذي تمارسه « العوامل الخارجية » على ترتيبات السياسة الداخلية في موريتانيا، وبالعكس، كذلك يستعصى تقدير حجم وثقل « المعطى الداخلي » في ترتيبات العلاقات الخارجية لبلادنا مع محيطها الإقليمي والدولي.

كانت موريتانيا مترددة ومنقسمة بين خيارين كان التوفيق بينهما يبدو صعبا في تلك الحقبة التي تلت الاستقلال. وقد أضاعت وقتا ثمينا في سبيل إرساء هويتها الوطنية بصيغة تحقق الإجماع الوطني، كان عليها أن تختار بين أن تبني ممارستها السياسية على أساس « وضعها التاريخي » أو على أساس « وضعها الجغرافي ».

أما اليوم.. فإن طبيعة التحديات، والمتغيرات والمستجدات داخليا، والتحولات الدولية خارجيا، تجعل من الضروري أن تَهُبَّ رياح التطوير الإيجابي على دبلوماسيتنا، باعتبارها أهم أداة لتنفيذ السياسة الخارجية للبلاد. ولا شك بأن من المهم أن تخرج سياستنا الخارجية من طور الارتجال إلى طور المُؤسسيَّة، ومن طور الدوافع والأهداف المحدودة إلى أُفق العمل الإستراتيجي ذي النفس الطويل، الذي يقوم على أسس واضحة، منسجمة وصلبة[3].

وربما تكون الظروف ملائمة- أكثر من أي وقت مضي- لإعادة رسم أسُس ومبادئ وثوابت ومتغيرات السياسة الخارجية للبلاد، وإعادة تحديد مصالحها العليا إقليميَّا ودوليًا، والعمل على ترسيخ إجماع وطني حقيقي حولها، على مستوى الرأي العام الوطني، يُعزِّزُ من فُرص بقاء البلاد والحفاظ على كينونتها الوطنية وسط محيط إقليمي ودولي بالغ التعقيد.


بطبيعة الحال، تقع هذه المهمة الشاقة والنبيلة -طبقا لأحكام دستور الجمهورية- على عاتق رئيس الجمهورية في المقام الأول. ولكن، سيبقى من الضروري أن يظهر تجسيد السياسة الخارجية للبلاد من خلال العمل الحكومي المُمنهج. وأن تضطلع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بصفة خاصة، وكل المنظومة الدبلوماسية والهيئات التي يمنحها القانون صفة العمل الدبلوماسي والتعاون الدولي على الصعيدين الثنائي أو المتعدد الأطراف، بكل ما يلزم لها من الصلاحيات ومأموريات التكليف من أجل القيام بعمل فعال لتنفيذ  وتنزيل حيثيات السياسة الخارجية للبلاد ميدانيا، وكذا السهر على المتابعة المستمرة والتقييم الموضوعي والشفاف لمستوى التنفيذ وفق منظومة معايير ومؤشرات قابلة للتثبت من خلال آليات فعالة  لتقييم أدائنا الدبلوماسي وديناميكية علاقاتنا الخارجية.

كما يتوجب أن تتم مناقشة كل ذلك بصفة تشاركية ومفتوحة، ليس فقط أمام العاملين في الحقل الدبلوماسي، بل ومع مختلف الفاعلين المجتمعيين والثقافيين والسياسيين، من خبراء وإعلاميين وسياسيين ومنتخبين، وقادة الرأي العام.

« تمثل الدبلوماسية بالنسبة للعلاقات الدولية ما تمثله الجراحة بالنسبة للطب ».

المفكر الفرنسي جان فرانسوا رفيل

إن تفعيل دبلوماسيتنا يتطلب أولا رسم وتحديد أهداف سياستنا الخارجية انطلاقا من مصالحنا الوطنية، ومن المبادئ العامة والتوجهات السياسية المشتركة للمجموعة الوطنية، من خلال إعلان مبادئ واضحة ومدروسة في المجالات المتعلقة بالعلاقات الدولية والأمن الخارجي والدفاع، تكون بمثابة خارطة طريق تسترشد بها البلاد، قبل أن تغرق في ثقب أسود لا قدر الله، حيث نحن في منطقة تكثر فيها الأزمات والنزاعات والمخاطر المختلفة، ولا يمكن فيها الاعتماد على قرارات سريعة يتم اتخاذها بناء على انطباعات أولية أو خواطر عابرة، وقد تصدر قرارات أخرى مخالفة لها بعد حين. إن مثل تلك التصرفات المُتسرعة، تفقد بلادنا الثقة والمصداقية سواء في الداخل أو لدى الشركاء الأجانب.

كما يتوجب القيام بإعادة تنظيم وهيكلة قطاع الشؤون الخارجية باعتباره الجهاز التنفيذي للعمل الدبلوماسي، بغية تعزيز قدراته والرفع من أدائه، من خلال إنشاء معهد للتدريب والتأهيل في المجال الدبلوماسي ضمن عهدة الأكاديمية الدبلوماسية الناشئة، حتى يكون على قدر المسؤولية الثقيلة، وعلى مستوى التحديات الكبيرة والمستجدات المتسارعة التي تفرضها المعطيات والأوضاع من حولنا.  

كما يتطلب الأمر اعتماد الأكاديمية الدبلوماسية الناشئة لعدة مراكز للدراسات والاستشارات الإستراتيجية (تضم خبراء اقتصاديين، حقوقيين، إعلاميين، ومثقفين، إلخ..) للقيام بأبحاث ودراسات تساعد في رسم السياسة الخارجية الوطنية ووضع آليات مناسبة لتنفيذها، والعمل على تحديد الفرص السانحة والبدائل المُتاحة، واستشعار المخاطر بشكل يساعد صُنَّاع القرار على اتخاذ قرارات تكون مفيدة للبلاد.. وأمنها واستقرارها ومصالحها الإستراتيجية.

2- ملامح إستراتيجية لإصلاح الدبلوماسية

يمكن الشروع في إصلاح الدبلوماسية الموريتانية من خلال  وضع استراتيجية وخطة عمل لتفعيل الآليات الدبلوماسية كأدوات لتنفذ السياسة الخارجية، بشكل جاد ومنهجي من خلال الورش التالية:

إعادة رسم سياسية خارجية متوازنة للبلاد؛

توسيع التمثيل الدبلوماسي الخارجي والعمل على تطوير الدبلوماسية الموازية؛

تكثيف وتفعيل  الحضور الموريتاني في الأنشطة الدولية الهادفة إلى تعزيز السلام ودفع التعاون الدولي، على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف؛

الانخراط بشكل أكبر في أجندة حفظ السلام، والتدخل لحل الأزمات والتوسط في الصراعات الإقليمية والدولية؛

تطوير الاهتمام بشؤون الجاليات الموريتانية في الخارج، والاعتناء بها من أجل توفير الحماية لها وتقريب الخدمات الإدارية والقنصلية منها، وربط الأفراد بالوطن الأم؛

دعم حضور الكوادر العليا من الموريتانيين في الهيئات والمنظمات الدولية وتبني سياسية خاصة لهذا الغرض.

لا بد أن تمر أي إصلاحات بهذا الشأن من خلال إعادة الاعتبار للوظيفة الدبلوماسية وتمهين الممارسة الدبلوماسية من خلال إصلاح وإعادة تأهيل كل من وزارة الخارجية والخلية الاستشارية للدبلوماسية في رئاسة الجمهورية.

ويمكن أن تتم إعادة تأهيل وزارة الخارجية على المستوى المركزي وكذا على مستوى البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الخارج، التي تضم حاليا أكثر من 40 سفارة  وقنصلية، من أجل خلق نشاط منهجي مدروس ومخطط له للتحرك في مناطق اعتمادها وبالطرق المناسبة، من أجل التعريف بالبلاد وتاريخها، وثقافتها، ومقدراتها الاقتصادية، ومجالات التعاون والاستثمار المتاحة فيها، ونظامها السياسي، والسهر على رعاية أوضاع ومصالح الجاليات الموريتانية وتعزيز التواصل معها من أجل حماية أفرادها وتأمين ممتلكاتهم، وتقريب الخدمات الإدارية والقنصلية منهم، وكذا ربطهم بالوطن، وتسهيل إعادة اندماج الراغبين منهم في العودة إليه بشكل منظم وممنهج.

3- أهداف الإصلاح الدبلوماسي

إعادة هيكلة وزارة الخارجية ومراجعة صلاحياتها واستكمال نصوصها المرجعية؛

إصلاح نظام الوظيفة الدبلوماسية  Statutمن حيث التقدم والعلاوات والامتيازات والحقوق بما في ذلك الحق في الاستفادة من التكوين المستمر، وإدخال معايير موضوعية لتقييم أداء الدبلوماسيين، وإتباع مقاربة دورة تحويلات دبلوماسية من وإلى الخارج كل 4 سنوات؛

استعادة ملف التعاون الدولي من هيمنة وزارة الشؤون الاقتصادية؛

تفعيل إطار مناسب للتعاون الدولي خاصة في الجانب متعدد الأطراف من خلال إنشاء وكالة موريتانية للتعاون الدولي؛

إنشاء قناة تلفزيون دولية متعددة اللغات موجهة للخارج، ومكلفة بعرض وتقديم صورة البلاد، ومقدراتها الثقافية والفنية، والاقتصادية، إلخ..

4- تدبير المصادر البشرية

إن ما حدث ويحدث في العالم المعاصر من تغيرات وتحولات كبرى قد وجدت طريقها نحو التأثير في فكر الإدارة والتسيير في ظل العولمة، ونتجت عن ذلك فلسفة جديدة ونموذج إداري متطور ومختلف عن مفاهيم وأفكار نمط الإدارة التقليدية، التي سادت في عصر ما قبل ثورة المعلومات والتقانة. وقد امتد هذا التأثير إلى مجال تدبير الموارد البشرية، حيث  يوضع الإنسان في قمة الاهتمامات، وتدمج الموارد البشرية وغيرها من الموارد ضمن المنظومة التصورية التي تتبناها المؤسسة من أجل بلوغ أهدافها الإستراتيجية، وهو ما يتطلب من أصحاب القرار في بلادنا اتخاذ الإجراءات التالية:

تغيير النظرة التقليدية السائدة حول التعامل مع الموارد البشرية باعتباره مجرد تصرف إجرائي يتعلق بتنفيذ سياسات ونظم العاملين، نحو اعتباره وظيفة إستراتيجية حيوية، تتعامل مع أهم موارد الوزارة وتتشابك مع الأهداف والاستراتيجيات العامة  التي تنشد الوزارة تحقيقها؛

الانطلاق بفكرة تدبير الموارد البشرية من الانحسار في مشكلات الاستقطاب والتوظيف والتعيين نحو الإنشغال بقضايا أكثر أهمية وحيوية وهي « تدبير الأداء » وتحقيق الإنتاجية الأعلى وتحسين الكفاءة والفعالية حسب احتياجات المديريات المختلفة على الصعيد المركزي، وكذا بالنسبة للبعثات الدبلوماسية والقنصلية التابعة للوزارة في الخارج؛

إجراء تشخيص بنيوي structurel  diagnostic ومراجعة إستراتيجية ومؤسسية للوزارة audit stratégique et institutionnel، على أن يبدأ التشخيص والعلاج من أسفل الهرم في السلم الإداري؛

ينبغي أن تنص الشروط المرجعية لإجراء التشخيص البنيوي والمراجعة المؤسسية على أن الهدف منهما هو الكشف عن الإختلالات الموضوعية في الأداء، واقتراح الحلول والخطط الملائمة من أجل المعالجة، بعيدا عن تحديد المسؤوليات أو محاسبة المسؤولين، لأن ذلك قد يعصف بالعملية ويفاقم الإختلالات الموجودة أصلا؛

تحديد الأهداف الإستراتيجية للقطاع، ووضع الخطة التنفيذية لبلوغها خلال فترات زمنية محددة؛

إعادة هندسة (رسم وتحديد) الوظائف الحيوية للوزارة وهيكلتها التنظيمية انطلاقا من رؤية vision  وأهداف objectifs وإستراتيجية stratégie واضحة المعالم للدبلوماسية الموريتانية، وتزويدها ببرامج عمل تنفيذية plans d’action et de mise en œuvre على المدى القصير والمتوسط والبعيد؛

تصنيف قدرات جميع الوكلاء الموجودين حاليا على مستوى المديريات وفي البعثات في الخارج والمقدر عددهم بحوالي 600 مستخدم، من أجل الملائمة بين المؤهلات التي يتمتع بها الوكلاء والمهام المطلوب إنجازها سواء على المستوى المركزي أو لدى البعثات في الخارج؛

إعادة توزيع الوكلاء الجدد حسب خطة تأخذ في عين الاعتبار الملائمة بين القدرات الفردية والمهام والتكليفات؛

الابتعاد عن التجاذبات المختلفة والنزعات والشخصنة، وضغط جماعات المصالح، والتسييس الجائر؛

الابتعاد عن رواسب النموذج الاستعماري في التسيير الإداري للأشخاص، الذي يعتمد على حَرْفية تطبيق النص القانوني بشكل جامد، حتى ولو كانت سلطة الإدارة سلطة تقديرية قابلة للنقض أمام المحاكم الإدارية، على حساب مراعاة البعد الإنساني في انسيابية تدبير المصادر البشرية؛

اعتماد مسطرة إجرائية للمتابعة والتقييم تعتمد على مؤشرات أخرى بالإضافة إلى عامل الحضور (الذي هو أساسا مؤشر كمي)، بما فيها المؤشرات النوعية للأداء indicateurs qualitatifs de performance؛

وضع قواعد موضوعية وشفافة للمكافأة والتحفيز والتكريم وكذا للعقوبات الإدارية،  تهدف لتنمية وتطوير وترشيد المسار المهني للموظف حسب مسطرة إجرائية  منصفة للمتابعة والتقييم؛

5-  تعزيز الوسائل المادية واللوجستية

معالجة مشكلة ضيق الحيز المكاني في مبنى الوزارة، من خلال استعادة الجناح الثاني من المبنى الأصلي للوزارة الذي تستخدمه وزارة الاقتصاد، مع إضافة مبنى تكميلي يكون منسجما مع المبنى الأصلي، يضم قاعات اجتماعات، ومسجدا ومطعما إداريا كبيرا، وقاعة للمعارض، وشققا للمناوبة، وملحقات، وذلك من أجل الاستجابة للاحتياجات الضرورية للعمل حاليا واستباقا للتغيرات المستقبلية التي ستعرفها الوزارة على مدى العشرية القادمة؛

مضاعفة الغلاف المالي للميزانية المخصصة لتطوير السياسة الخارجية وتأهيل قطاع الدبلوماسية الموريتانية، من أجل تعبئة الموارد الضرورية لتحقيق النتائج المنتظرة، على ضوء مصادر ريع استغلال مشاريع الغاز الجديدة في البلاد؛

وفي الوقت الذي يجب فيه أن ننوه بالخطوات الهامة التي قطعها حتى الآن مشروع الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، يجدر بالحكومة التفكير جديا -برسم السنوات الخمس القادمة- في إنشاء و/أو تطوير المؤسسات التالية لكي تدور في فلك الوزارة وتمكن من رفع أدائها، وذلك من خلال استيعاب الكوادر الشابة والاستفادة من الطاقات الجديدة ضمن إعادة توزيع للموظفين المفرغين حاليا لدى الوزارة، على أن يكون الهدف هو استيعاب ما بين 60 إلى 120 موظف على مدى 3 سنوات. والمؤسسات المعنية هي:

إنشاء الوكالة الموريتانية للتعاون الدولي، التي قد تستوعب من 20 إلى 30 موظف؛

إنشاء مركز الدراسات والتحليل الإستراتيجي والتدريب، الذي قد سيستوعب من 12 إلى 20 موظف؛

تطوير مركز التوثيق ورقمنة المعلومات، الذي قد يستوعب من 6 إلى 12 موظفا؛

تطوير مركز عمليات الطوارئ الخاص بالموريتانيين في الخارج، والذي سيستوعب من 10 إلى 15 موظفا؛

إنشاء وحدة للإنتاج الإعلامي لدى مديرية الاتصال، كنواة لمشروع قناة تلفزيونية موجهة إلى الخارج تبث بثلاث لغات دولية. قد تستوعب من 12 إلى 25 موظفا لدى اكتمال المشروع؛

إنشاء مديرية جديدة للبرمجة والتقييم والمتابعة، قد تستوعب من 8 إلى 12 موظفا؛

إنشاء مديرية جديدة للترجمة التحريرية والترجمة الفورية، قد ستستوعب من 8 إلى 12 موظف؛

إنشاء مديرية جديدة للأمن الإنساني وشؤون الدفاع، قد تستوعب من 8 إلى 12 موظفا؛

6- خاتمة:

صحيح بأن الشؤون الخارجية اختصاص دستوري « حصري » وسلطة تقديرية لرئيس الجمهورية، لكن كيفية تدبير ذلك « الاختصاص الحصري » لطالما بقيت غير مفهومة بشكل إيجابي. والحقيقة هي أنه بدون وجود مؤسسات بحث وخبرة، تدرس وتحلل وتساعد صُنّاع القرار، وبدون ملفات يتم إعدادها ومتابعتها بمهنية، وبدون تقديم سناريوهات متعددة مع المفاضلة فيما بينها لتسهيل عملية إنضاج واتخاذ القرارات، تتحول السلطة التقديرية ضمن الأجندة المزدحمة للرئيس، إلى عبء ثقيل عليه، فيستعين بالمقربين منه وقد يركن إلى حسن « تخميناتهم »، بحسب الكفاءة الفردية والمزاج الشخصي للمعنيين. ولعل هذا هو ما أدى في الماضي إلى أن دخلت السياسة الخارجية من حيث الممارسة، في دوامة، فتحولت من موضوع استراتيجي إلى موضوع « شخصي » ثم إلى موضوع « مُحرم » tabou، فخرجت بذلك عن كل قدرة على التقييم والمراقبة مهما كانت موضوعية أو مهنية، أو بالأحرى،  ديمقراطية.

أما اليوم، وعلى ضوء التغييرات الجارية في بلادنا، وما تمثله الإرادة السياسية الجديدة من آمال عريضة في التغيير سواء لدى الرأي العام أو على مستوى النخب، فإن السياسة الخارجية لموريتانيا ودبلوماسيتها مدعوتان إلى تغيير آفاقهما وإلى التجديد. إن إصلاحا حقيقيا وشاملا يطال تلك السياسة الخارجية ودبلوماسيتها من حيث المضمون والشكل لم يعد بالإمكان أن يتأخر بعد الآن.

 لقد حان الوقت -بعد أكثر من نصف قرن من الزمن- لكي تضع سياستنا الخارجية التائهة عصا الترحال. وها قد أزفت ساعة الحقيقة، لكي تعاد أخيرا صياغة مجمل السياسات الوطنية الخارجية منها والداخلية على أسس أخلاقية ومهنية، ووطنية صلبة.

إن حياة أمة ما لا تتوقف عند وضعية جامدة، فعلاقاتها مع الآخرين تستمر، تتوسع وتتغير. وينتج عن ذلك كم هائل من الأفعال وردود الأفعال قد يكون البعض منها اختياريا والبعض الآخر اضطراريا، بيد أنه يجب أن تكون جميعها منسقة في إطار سياسة خارجية محكمة، توضع في خدمتها المصادر والإمكانيات.. من أجل تفعيل الآليات الدبلوماسية، سواء منها الدبلوماسية الكلاسيكية أو الدبلوماسيات الموازية، والتي ينبغي أن تعمل بجدية حسب القواعد المنهجية والمهنية المتعارف عليها  في مجال هندسة وتطوير العلاقات بين الدول والشعوب للمساهمة في تحقيق أمن واستقرار وتنمية الجمهورية الإسلامية الموريتانية وتجديد إشعاعها الثقافي والحضاري في المنطقة وفي العالم.


[1]السياسة الخارجية الموريتانية: جدلية الداخل و الخارج، محمد السالك ولد إبراهيم،  الحوار المتمدن-العدد: 2033 – 2007 / 9 / 9

[2]موريتانيا في مهب العواصف والأمواج (مذكرات المختار ولد داداه باللغة الفرنسية) منشورات كارتلا 2004. 

[3]السياسة الخارجية الموريتانية: جدلية الداخل و الخارج، محمد السالك ولد إبراهيم،الحوار المتمدن-العدد: 2033 – 2007 / 9 / 9

مقالات ذات صلة

ابرز قصص مجبات على فيسبوك