تقييم ما مضى من حكم الغزواني

النائب كادياتا مالك جلو

أعتقد أن محمد الشيخ الغزواني له تاريخ، فهو ضابط له وزنه في الجيش وهو وصديقه محمد ول عبد العزيز كانا أول من حاز رتبة جنرال في الجيش الموريتاني وقد قادا انقلابين عسكريين (2005-2008) حيث استلم محمد ولد عبد العزيز الحكم لمأموريتين متتاليتين وكان على نية خرق الدستور للاستمرار في السلطة وحصد دعم قوى سياسية لها وزنها ليست مقتنعة به بقدر ما هي مؤمنة بقدرته على حصد المأمورية الثالثة، لكن مامنع محمد ول عبد العزيز من الترشح لمؤمرية ثالثة هي الجهة الأقوى في موريتانيا والمتحكمة في المشهد السياسي والاقتصادي على حد السواء التي هي الجيش.

اختار الجيش الموريتاني دعم محمد الشيخ ولد الغزواني بدل ولد عبد العزيز، وأنا كسياسية لا أرى فرقا بين رئاسة ولد عبد العزيز أو غزواني فهما يحملان نفس الصفات ويشتركان في نفس التاريخ ويقودان نفس النظام ويشتركان نفس المصالح مع نفس الجهات النافذة في النظام، لكن الشارع الموريتاني كان يحمل آمالا عظيمة بالتغيير ورأينا أن القوى السياسية أجمعت على منح محمد الشيخ ولد الغزواني فرصة للتغيير، غير أنه بعد عامين من حكمه نستطيع القول إن من كان ينتظر تغييرا ربما أحبط أو مازال ينتظر دون أن يرى أي مؤشرات تدعو للتفاؤل، ذلك أن هناك تحديات هي معيار التغيير الجاد لأي نظام وما لم نجد أي قرارات تعالجها فكل حديث عن التغيير هو كلام مسترسل غير جاد.

أولى هذه التحديات تتعلق بالظروف المعيشية للشعب، الذي هو فريسة للفقر والتهميش وعدم تساوي فرص العمل ولا تكافئ المؤهلات في سوق العمل. وظروف المواطن صعبة جدا في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار مع شح الدخل والحديث عن الثروات الوطنية الهائلة وعن العمل على استخراجها دون أن ينعكس ذلك على واقع المواطن.

والتحدي الآخر هو الوحدة الوطنية، حيث تعاني فئات من الشعب من التمييز العنصري ووضعهم جلي للعيان والجميع مدرك أن كل حديث عن الوحدة الوطنية لا ينعكس على الواقع والتعامل مع المواطنين حسب فئاتهم يجعلك تعتقد أنهم لا ينتمون لنفس الوطن. والرئيس ولد الغزواني يتعامل مع الوضع وكأنه لا يعترف بوجود مشكلة الوحدة الوطنية وبالطبع فإن من لا يعترف بالمشكلة لن يبحث لها عن حل.

إن مشكلة الوحدة الوطنية خطيرة وحساسة بالنظر إلى وجود عنصرين في دولة واحدة يتعامل أحدهم مع الآخر وكأنه ليس موجودا. فمن ينظر إلى موريتانيا الآن سيرى أن مكونا واحدا هو المسيطر، من دون أن يعني ذلك طبعا بأن المكون المسيطر مستفيد بأكمله بل يعني أن الفئة المسيطرة تنتمي له. لكم أن تنظروا فقط إلى التظاهرات الرسمية أو البنية الإدارية عموما وبنية الجيش وكل الضباط السامين والدفعات حديثة التخرج من مدارس الامتياز وسترون التمييز جليا في المشهد العام! هذا مع أن الفئات المهمشة تعاني في بيئة لا تجد فيها من يستمع لتظلماتها أو تطرح عليه مشاكلها.

أيضا ما يزال تحدي الحريات العامة مطروحا، بل نلاحظ تراجعا كبيرا على هذا المستوى. فمثلا هناك طلبات تراخيص لأحزاب جديدة في وزارة الداخلية لم يرخص منها حزب واحد منذ يوم تنصيب محمد ولد الشيخ الغزواني حتى الآن ومن دون أي تبرير لعدم الترخيص ولا حتى التصريح برفض الترخيص. ينضاف إلى ذلك سجن مدوني شبكات التواصل الإعلامي بسبب تدوينات أو تعليقات.

وهكذا يتضح بأن التغيير المتوقع من الشارع الموريتاني لم يتحقق كما كنت أتوقع تماما بالنظر إلى غياب مقومات التغيير الجاد، ذلك أن النظام لم يتغير بل تبدل رئيسه فقط. وهو نظام غير قادر على تحقيق التغيير المطلوب. وبالرغم من أن قوى المعارضة ما زالت تمنح النظام فرصة التغيير وتطالب بالحوار المرفوض حتى الآن من طرف الرئيس ونظامه، فإنني لا أتوقع أية جدوائية للحوار في حالة حصوله، بالنظر إلى أن النظام لا يعترف بأية مشاكل وكما أسلفت فمن لم يعترف بالمشكلة لن يسعى لإيجاد الحل.

مقالات ذات صلة

ابرز قصص مجبات على فيسبوك