حول السياسة

أعل الشيخ /سيد الخير

هلا تحدثنا عن أشياء لا تدخل في نطاق ما يسوء من القول! ، عن أشياء يمكن للآباء والأبناء ان يتحدثوا عنها بأريحية دون كسر حواجز الأخلاق!؟.
الناس في صدر أي حضارة يتحدثون عن كل شيء بطريقة مهذبة، عن البخل ، والتسكع ، فلا تسمع عند متحدث فحشا ولا هجرا …
وقاحة المتكلم وتهذيبه ليست فروقا أخلاقية فقط. بل تتجاوز ذلك إلى الإضرار بفاعلية حرية التعبير، وشيوعها بين الناس القادرين على التفكير بهدوء.

المخاطِب الفاحش يمارس الإغراب في القول واصطناع الأوهام ،وتكرار نفس المعاني بطرق مختلفة حتى لا يسمح بأي هامش للقول، وهكذا يتم حشر جميع الأصوات الأخرى في زاوية مظلمة وترك أصحاب البذاءة يمارسون كل فحش.

بسبب الفساد والفوضى الاقتصادية والانفتاح الديمقراطي الذي حدث منذ 2005،أصبح الخطاب السياسي في موريتانيا جلسة من جلسات شتم العريس ما قبل الدخلة، أصبح المناضلون الكبار يمضون عدة ساعات من أجل إثبات ان راس وزير يشبه صخرة، يقوم اخر بتدبيج مقال من أجل يبين لنا أن هذا الوزير يمارس العطاس سرًا، وهكذا تحول النقاش من المشاكل الجدية للوطن إلى نقاش الأشخاص وهيئاتهم وأشكالهم.

من منا لا يعرف تسجيلات الطالب وكمشة وزيزو، وتسجيلاتهم الطويلة التي لم تنتج إلا ألقابا طريفة للوزراء وقواد الجيش، حتى أنه ليس هناك في كلامهم أي تبيان أو تعليل لموقفهم المعارض. هم فقط عارضوا بسبب ان بطن أحدهم كبيرة.
من لا يعرف طباق وجناس جميل منصور ولغته الراقصة التي تتحدث فقط عن المرحلة « مصطلح هلامي » ، والموقف المعارض الموالي، من لا يتذكر صولات بيرام وجولاته في البرلمان وكلمة السعد لوليد حول « أم أصگيعة » التي صدر بها خطابا سياسيا للخارج.

بل تطور هذا النوع من النقاش حتى دخل البرلمان، ومن منا ينسى ذلك النائب الذي يشبه فارس الظل الحزين في رواية دون كيشوت، وصديقه الذي يشبه سانشو بانثا في نفس الرواية ، ومعاركهما ذات النفس الفروسي.

حيث يمارسان الحرب في ساحة البرلمان ويحولان كل جلسة جادة إلى مهاترة دينية أو هوياتية ،يمارسان بعدها زهو الانتصار في معركة لا وجود لها،. وبالتالي تتحول نتائج الجلسات البرلمانية إلى تقرير عن حالة النواب الدينية، وعلاقتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم
أما المجلس الوزاري فقد غلب على صفحات الوزراء صور سناب شات بالفلتر، في صفحة كل وزارة أو موقعها ،ستجد مجموعة من صور الوزراء والمستشارين في وضعيات مختلفة، لكنك لن تجد أي عناوين أو مصالح على الأنترنت كل ما سيعرفه المتصفح هو أن هذه الوزارة قد مر بها وزير أو وزيرة يحسن لبس الثياب وتصفيف الشعر…
ولعلي نسيت بعض أركان هذا الخطاب. فتذكروهم يرعاكم الله، وتأملوا كيف وصلوا بنا إلى طريق مظلم ، فهل لنا إلا أن نرمي في كل مرة ححرا في بركة المستنقع لعل وعسى.

مقالات ذات صلة

ابرز قصص مجبات على فيسبوك